دعوة للمشاركة: فقه الكوارث في الإسلام

فقه الكوارث في الإسلام: بين العلم والدين والآخرة

تحرير د. عبد الصمد بلحاج (الجامعة الكاثوليكيّة في لوفان) ود. حوّاس سنيقر (معهد الدراسات السياسيّة في ليون)

دعوة للمشاركة للعدد ٣٨ من مجلة المعهد (٢٠٢٣)

اضغط هنا لتنزيل النسخة بصيغة الپي دي إف…

اندلعتْ جائحة كوفيد-١٩ في الصين حوالي أكتوبر ونوفمبر ٢٠١٩ وإلى جانب كونها أصبحتْ مشكلةً صحّيّة عالميّة عامّة، فسُرعان ما أصبحتْ «حقيقة اجتماعيّة شاملة» (موس، ٢٠١٣). ولقد حرّكتْ هذه الجائحة، وبشكلٍ مؤثّر، مجموعةً من المؤسّسات والمجالات الاجتماعيّة (الاقتصاديّة والسياسيّة والثقافيّة والدينيّة) داخل الأوساط الوطنيّة والدوليّة على السواء.

وهكذا ولّد الوباءُ نصيبَه من التعليقات والتفسيرات الدينيّة من قِبَل شخصيّاتٍ دينيّة بارزة. فعلى سبيل المثال، صرّح الفقيه المغربيّ أحمد الريسونيّ، رئيس الاتّحاد العالميّ لعلماء المسلمين، أنّ «النازلة الّتي ألّمتْ بالبشريّة في الوقت الراهن، والمتمثّلة في جائحة كورونا، لا تخرج عن كونها سنّة من سنن الابتلاء مهما كانتْ أسبابها»،[1] مشدّدًا على «أنّ المؤمن والعاقل لا بدّ أن يتفكّر ويسأل نفسه: كيف يستفيد من البلاء الّذي حلّ به؟ وما العِبَر والدروس الّتي يجب أن يستفيدها من هذا البلاء؟» كما أضاف أنّ المؤمنين والعقلاء «اتّخذوا قراراتٍ مهمّة بشأن سلوكهم في المستقبل، حيث يتوقّفون عن إهدار الوقت والمال».[2]

ومع ذلك، فبعيدًا عن الرضا عن هذا الخطاب التوافقيّ، اغتنمَ الريسونيّ الفرصة للتأكيد على أنّ هذه الجائحة أظهرتْ «سلامة وحكمة جميع الشرائع والأحكام الّتي وَردتْ في الدين الإسلاميّ، ومنظوماته التشريعيّة، الّتي تُعتبر خير دليل على سماويّة الإسلام، وكونه صالحًا لكلّ مكانٍ وزمان.» حتّى إنّه يدّعي «إقدام كثيرين من مناطق شرق آسيا على دخول الإسلام بعد جائحة كورونا، وبعد أن اكتشفوا كيف أنّ نظم وقوانين الإسلام تكفل السلامة والحماية للإنسان من كل ضررٍ وشر.» أمّا الأمين العامّ للمؤسّسة الّتي يرأسها أحمد الريسونيّ، وهو الشيخ عليّ محيي الدين القره داغيّ، فقد صرّح أنّ «هذه الأوبئة والفايروسات من قدر الله تعالى ومن الأدّلة القاطعة المشاهدة على قدرة الله تعالى في هلاك من يريد هلاكه بأضعف جنوده ﴿وَمَا يَعۡلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَج﴾ [المدّثّر ٧٤، الآية ٣١]، كما أنّها من سنن الله تعالى يصيب بها من يشاء من المسلمين ومن غيرهم، ويؤدّب بها من يشاء، ولكنّ المؤمن المصاب بها والصابر عليها له أجر الشهيد».[3]

وفيما قبل الفترة المعاصرة، فقد يجد فقه الكوارث أصوله الحقيقيّة أو المفترَضة في الآيات القرآنيّة والسُّنّة النبويّة، والّتي تشير إلى الكوارث سواءٌ المُجرَّبة أو المتخيّلة أو الأخرويّة: وإنّنا هنا نشير إلى معركة أُحُد، وقصص نهاية العالم، وعقاب الكفّار بالتدمير والغرق، إلخ. توضِّح سورة الزلزلة (رقمها ٩٩) التصوّر القرآنيّ عن الكارثة باعتبارها حدثًا خاصًّا بنهاية العالم تتحكَّم فيه القدرة والعدالة الإلهيّة وتكبحها. واتّباعًا للقرآن، فقد ألّف العلماء عبر التاريخ عدّة أنواع من النصوص استجابةً للكوارث الطبيعيّة أو البشريّة مثل الحروب والأوبئة والمجاعات والزلازل، إلخ. وربّما تكون أقدم النصوص في هذا الصدد هي مصنّفات الأحاديث النبويّة (أو الإماميّة عند الشيعة). تنتمي هذه الأحاديث إلى نوعين، إمّا تتعلّق بنهاية العالم أو بالنصائح الواقعيّة، كما ساهمتْ في تشكيل نوعٍ من المعيار الفقهيّ في مسائل الكوارث. ويمكن العثور على آثار ذلك في أبواب للمِحَن والفتن والطاعون والطبّ في المصنفات التي ازدهرتْ في القرن الثالث الهجريّ/التاسع الميلاديّ، مثلما في «الجامع الصحيح» للبخاريّ (ت ٨٧٠/٢٥٦). وقد اعتبر البخاريّ الوباء بمثابة قدر الله ،وعقاب ومحنة، حيث إنّ العدوى في ذاتها لا وجودَ لها (فالطاعون خلقٌ إلهيّ وفقًا لتصوُّر المحدّثين)، فضلًا عن رفع مقام من ماتوا بالوباء إلى مرتبة الشهداء، وأخيرًا النُّصح بالاحتجاز.

يظهر نوعٌ آخر من النصوص الفقهيّة عن الكوارث، أحدث وأكثر تعقيدًا، وذلك في الرسائل الكلاميّة والفقهيّة عن الأوبئة (عدّد منها د. أحمد عصام عبد القادر الكاتب ثلاثةً وثلاثين نصًّا). وبالفعل، نحن نعرف حوالي ثلاثين رسالةً كتبها علماء الكلام والفقهاء عن الطاعون والوباء. وأكثر الرسائل تأثيرًا، والّتي كانتْ ذات موثوقيّة في الدوائر السُّنّيّة، هي رسالة «بذل الماعون في فضل الطاعون» الّتي كتبها ابن حجر العسقلانيّ، المُحدِّث المصريّ الّذي تُوُفِّيَ عام ١٤٤٩/٨٥٢. يناقش ابن حجر العسقلانيّ دَوْر الجنّ في الوباء، ومنزلة المَوْتى بالطاعون (الّذين صاروا مساوين في المرتبة للشهيد)، وأهمّيّة الاحتجاز في البلد الّذي ضربه الطاعون، وأهمّيّة التوبة، والدعاء إلى الله بطلبِ أن يرفع الطاعون، واتّخاذ الاحتياطات والتدابير الطبّيّة، كالفَصْد (شَقّ الوريد). وهناك أيضًا حديثٌ متأخّر منسوبٌ إلى النبيّ محمّد، يقول: «الطاعون شهادةٌ لأُمَّتي، ورحمةٌ لهم، ورِجْزٌ على الكافر»، وهو ما يثير قضيّة الآخريّة والخوف في نظرة المحدّثين من الكوارث والأخطار أو التهديد.

أمّا فيما يتعلّق بالشيعة، فإنّ المرجع الشيعيّ محمّد بن الحسن الحرّ العامليّ (ت ١٦٩٣/١١٠٤) خصَّصَ فصلًا من جامعه عن الفقه الشيعيّ «وسائل الشيعة» لقضيّة الإذن بالفرار من أماكن الوباء والطاعون، إلّا في حالة ضرورة البقاء هناك، كما هو الحال بالنسبة للمجاهدين وحرس الحدود. ويُظهِر هذا العمل مرونة الفكر الكلاميّ الشيعيّ في مسألة إعادة التوفيق بين قيود الطوارئ ومعايير الفقه الإماميّ.

أظهر البحث الذي قام به كلٌّ من د. جاكلين سوبليه وجوزيف فان إس وبعز شوشن، ولورنس آي. كونراد، وجوستين ك. ستيرنز، أنّ المعتقدات الخاصّة بالوباء كانتْ قد تقرَّرتْ وحُدِّدتْ، على نطاقٍ واسع، عَبْر الخطابات الكلاميّة حتّى القرن التاسع عشر الميلاديّ. ورغم ذلك، فبينما لا يزال هذا البحث ملائمًا ومفيدًا من الناحية العمليّة، فإنّه يفتقر جزئيًّا إلى تحليلٍ أدقّ لمضمون فقه الكوارث في الإسلام. زِدْ على ذلك أنّه بالنظر إلى حِدّة فقه الكوارث الّذي انتشر مؤخَّرًا، لا سيّما في العالم الإسلاميّ، تبقى بعضُ القضايا الخاصّة بالاستمراريّة والانقطاع في هذا الفقه مطروحةً وموضع بحث واستقصاء. وهذا يشمل الأسئلة المتعلِّقة بالمعايير والمعضلات الأخلاقيّة الّتي تنجم عن مواقف المسلمين الملتزمين وسلطاتهم الدينيّة: المعضلات الفقهيّة بين القدر والفعل الإنسانيّ، وخصوصًا المسؤوليّة أمام الله وكلّ البشريّة؛ بين الحفاظ على الحياة الإنسانيّة ومقتضيات مراعاة الشعائر والطقوس الدينيّة بالمعنى الدقيق للكلمة. من ذا الّذي سبَّبَ الوباء: الله، أم الجنّ، أم الناس (وأيُّهم)؟ هل ينبغي على الفقهاء الاعتماد على العلم أو الوحي لتفسير الأوبئة والظواهر الطبيعيّة، ولكن أيضًا للتغلُّب على الكوارث ومَنعِها ودَرْئِها؟ ما نصيب الإلهيّ والدنيويّ في الفقه الإسلاميّ الخاصّ بالكوارث؟ هل يمثّل فقه الكوارث فقهَ الخوف أو فقهَ مسؤوليّة/ذنب الإنسان تجاه نفسه وتجاه البشريّة؟ ما الاختلاف الّذي أقامه الخطابُ الإسلاميّ القديم والمعاصر بين المسلمين وغير المسلمين في مواجهة الوباء؟ كيف يمكننا فَهْم الأدلّة الّتي يستخدمها العلماء؟ وفي هذا الصدد هل هناك أيّ اختلافات بين النصوص السُّنّيّة والشيعيّة؟ أو بين النصوص القديمة والحديثة الخاصّة بالكوارث أو المآسي البشريّة؟ كيف يستغلّ العلماء المعاصرون نصوص التراث لتطوير رؤيتهم عن البيئة، والكوارث الطبيعيّة أو حتّى التمرُّد ضدّ النظام السياسيّ، وما إلى ذلك؟

قررتْ مجلّة المعهد الدومنيكيّ أن تكرّس عددًا من أعدادها لهذه القضايا الرئيسيّة، من بين قضايا أخرى محتمَلة لفقه الكوارث عبر تاريخ الإسلام.

المصادر

  • ابن حجر العسقلانيّ (ت ١٤٤٩/٨٥٢) أحمد بن عليّ، بذل الماعون في فضل الطاعون، تحقيق أحمد عصام عبد القادر الكاتب، الرياض، دار العاصمة، ٢٠١٦.
  • السيوطيّ (ت ١٥٠٥/٩١١) جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر، ما رواه الواعون في أخبار الطاعون، دمشق، دار القلم، ١٩٩٧.
  • العامليّ (ت ١٦٩٣/١١٠٤) محمّد بن الحسن الحر، وسائل الشيعة، طهران، المكتبة الإسلاميّة بطهران، ١٩٧٥.

الدراسات

  • Lawrence I. Conrad, “Ṭāʿūn and Wabāʾ: Conceptions of Plague and Pestilence in Early Islam”, Journal of the Economic and Social History of the Orient 25/3, 1982, p. 268‒307.
  • Josef van Ess, « La peste d’Emmaüs. Théologie et ‘‘histoire du salut’’ aux prémices de l’Islam », Comptes rendus des séances de l’Académie des Inscriptions et Belles-Lettres, Année 2000, 144-1, p. 325‒337.
  • Josef van Ess, Der Fehltritt des Gelehrten: die “Pest von Emmaus” und ihre theologischen Nachspiele, Heidelberg, C. Winter, 2001.
  • Marcel Mauss, Sociologie et anthropologie, Paris, P. U. F., 2013.
  • Boaz Shoshan, “Wabāʾ” in : EI II, Vol. 11, p. 3‒5.
  • Justin K. Stearns, Infectious Ideas: Contagion in Premodern Islamic and Christian Thought in the Western Mediterranean, Baltimore, Johns Hopkins University Press, 2011.
  • Jacqueline Sublet, La peste prise aux rets de la jurisprudence : le traité d’Ibn Ḥaǧar al-ʿAsqalānī sur la peste, Paris, Éditions Larose, G. P. Maisonneuve, 1971.

[1] انظر:  https://www.aljazeera.net/programs/shariah_and_life_during_ramadan/2020/4/27/الشريعة-والحياة-في-رمضان (تمّ الاطّلاع عليه في يوم ٢٠ يونيو ٢٠٢٠).

[2] انظر: http://alwatannews.tn/article/14562 (تمّ الاطّلاع عليه في يوم ٢٠ يونيو ٢٠٢٠).

[3] انظر: http://iumsonline.org/ar/ContentDetails.aspx?ID=11019 (تمّ الاطّلاع عليه في يوم ٢١ يونيو ٢٠٢٠).

إسلام القرآن أو إسلام الحديث: كيف نتجاوز الفجوة بين ”مفكري الإسلام الجدد‟ و”العلماء‟؟

د. يوسف سنغاري

جامعة كليمون أوڤيرنيي (فرنسا)

icon-calendar ٢١ يونيو ٢٠٢٠

اضغط هنا لمشاهدة المحاضرة على يوتيوب (بالفرنسيّة مصحوبةٌ بترجمةٍ عربيّة)

يُعتبر السيّد كمال الحيدريّ المرجع الشيعيّ (من مواليد ١٩٥٦) أحد أكثر العلماء نشاطًا على الشبكات الاجتماعيّة، حيث يتابعه جمهورٌ كبير. يقرّر السيّد الحيدريّ في كتاباته أنّ الإسلام بعد وفاة النبيّ أصبح طائفيًّا وأنّ الحديث الشريف يعكس إلى حدٍّ كبير الخلاف الّذي أُثير حول مسألة مستحقّ خلافة النبيّ. لكن الحيدريّ ليس «قرآنيًّا» فهو لا يرفض الحديث. لكن يشير فقط إلى أنّ القرآن تعدّديّ في طبيعته وأنّه يؤسّس ما يسمّيه بـ«ثقافة الاختلاف». يستمدّ الحيدريّ من هذا المبدأ أنّ «الاختلاف سنّةٌ إلهيّة». فهذا يعني على سبيل المثال أنّ الخلافات بين الشيعة والسنّة مشروعة. ضمن هذا الإطار، فإنّ الاجتهاد هو السبيل الأسمى لتطبيق «ثقافة التعدّديّة».

دعوة إلى المشاركة: القراءة في القرون الثلاثة الأُولى من الإسلام

القراءة في القرون الثلاثة الأُولى من الإسلام

العدد ٣٧ (٢٠٢١) لمجلّة المعهد

المواعيد النهائيّة
الكلمات المفتاحيّة
  • تلاوة القرآن ‒ التجويد ‒ تلاوة المزامير ‒ الشفويّة ‒ النقل.
  • الإسلام ‒ اليهوديّة ‒ المسيحيّة ‒ الزردشتيّة ‒ العصور القديمة ‒ قرون الإسلام الأُوَل.
  • التوراة ‒ الكتاب المقدّس ‒ المزامير ‒ القرآن ‒ القصص ‒ الشعر ‒ الصلوات ‒ الطقوس ‒ السجع ‒ القراءة ‒ الحفظ.
التقديم

تُتيح هذه الندوة مساحةً للبحث في أشكال القراءة المختلفة الّتي وُجدتْ في المناطق المركزيّة من الخلافة العربيّة والإسلاميّة (من مصر إلى بلاد فارس والجزيرة العربيّة) خلال قرونها الثلاثة الأُولى، بما يشمل السياقات المختلفة التالية:

  • السياق «الدينيّ الإسلاميّ»: القرآن والحديث النبويّ والقصص والأوراد الصوفيّة… إلخ.
  • السياق «الدينيّ غير الإسلاميّ»: المزامير والصلوات اليهوديّة والمسيحيّة (باليونانيّة والسريانيّة والقبطيّة والعربيّة)؛ والاحتفالات الزردشتيّة والمانويّة؛ والطقوس السحريّة… إلخ.
  • السياق «غير الدينيّ»: الشعر والسجع بالعربيّة والعبريّة والسريانيّة والقبطيّة واللغات الأخرى؛ الخُطب السياسيّة والترويج الأيديولوجيّ؛ طرائق الحفظ في مجال الطبّ والعلوم والفلسفة والقانون والنحو… إلخ.

ملحوظة: سندرس إشكاليّة التفرقة بين «دينيّ» و«غير دينيّ».

سنناقش هذه الأنواع من القراءة كنقطة الانطلاق للبحث في الأنواع الأدبيّة للنصوص المقروءة وطرق القراءة والقرّاء والسياقات الاقتصاديّة والسياسيّة المرتبطة بظاهرة القراءة. تستقبل الندوة البحوث الّتي تتناول أحد (أو أكثر) من المحاور التالية:

١) طرق القراءة

ستناقش هذه الجلسة تفاصيل الممارسات المصاحبة للقراءة، إمّا قبلها أو خلالها، دينيّة كانتْ أم غير دينيّة مثل: السماع والحفظ عن ظهر القلب والقراءة والتسميع والتجويد والإنشاد… إلخ. كما تتناول أحكام التلاوة والأداء الصوتيّ للنصوص وأبعاده الفنّيّة والعاطفيّة. وأخيرًا سنلقي نظرة على السياقات المحدّدة الّتي تتمّ فيها قراءة نصٍّ ما (الطقوس والاحتفالات والأعياد والظروف والأحوال المادّيّة والملابس… إلخ).

٢) القراءة ونقل المعارف

إنّ القراءة طريقٌ لنقل المعارف، كما أنّها السبيل لنقلِ حرفةِ القراءة نفسها وصناعتها وذلك من خلال القرّاء المحترفين. ستتناول هذه الجلسة إشكاليّة العلاقة بين القراءة والتعليم والتعلّم، سندرس البُعد المادّي للقراءة (مثل المخطوطات والنقوشات) وممارسات التعلّم (مثل القراءة على الشيخ) والتحقّق من إتقان الحفظ (مثل الإجازات) والممارسين للقراءة (مثل المحترفين وعلماء الدين والفنّانين) وكيف ينقل هؤلاء فنّهم الصوتيّ وآدابه.

٣) أهداف القراءة

سوف تُعنى هذه الجلسة بالأهداف الدينيّة والرُّوحانيّة للقراءة (مثل تهذيب الأخلاق ورفع الذنوب والتبرّك والتصوّف… إلخ) وأهدافها غير الدينيّة (سياسيّة أم اجتماعيّة أم علميّة أم فنّيّة… إلخ): وقد يرتبط إتقان محتوى النصوص المقروءة وتوقيت القراءة وأنواعها بالمزيد من السلطة أو بهُويّة الجماعة أو الإبداع الفنّيّ.

منهجيّة الندوة

رُغم أنّ الندوة متاحةٌ للجميع، إلّا أنّها تهدف في المقام الأوّل إلى البحث العلميّ والمناقشات الأكاديميّة. لذلك على المشاركين الذين تمّتْ الموافقة على بحوثهم أن يرسلوا ملخّصًا لبحثهم لا يزيد عن ثلاث صفحات قبل يوم ١٥ مايو ٢٠٢٠. ستُوَزّع الملخّصات على جميع المشاركين. وعلى كلّ باحث أن يسجّل نفسَه كمناقشٍ لبحثٍ آخر (بحث واحد على الأقلّ) لمناقشته. يُرجى من جميع المشاركين أن يحضروا جميع الجلسات.

لغات المقالات هي: الإنجليزيّة والعربيّة.

التنظيم العلميّ

للمزيد من المعلومات الرجاء الاتّصال بنا عن طريق البريد الإلكترونيّ التالي: .

كتاب سيبويه: دراسة كوديكولوجية لنسخة (كوفية؟) مفرّقة بين ميلانو وقازان ولندن

جون درويل، «كتاب سيبويه: دراسة كوديكولوجية لنسخة (كوفية؟) مفرّقة بين ميلانو وقازان ولندن» (نقلها إلى العربيّة تامر الجباليّ من مقال …The Kazan parchment fragments). مجلّة معهد المخطوطات العربيّة، المجلّد ٦٣ الجزء الأوّل (رمضان ١٤٤٠ھ/مايو ٢٠١٩م)، ٢٤٤‒٢٧٧.

كتاب سيبويه بين أيادي المستشرقين والعرب

جون درويل ويوسف السنّاريّ، «كتاب سيبويه بين أيادي المستشرقين والعرب» في مجلّة تراثنا: النشر الرقميّ باعتماد معهد المخطوطات العربيّة (السلسلة الثقافيّة؛ ٢٥)، السنة الثانية، ذو القعدة ١٤٤٠/يوليو ٢٠١٩، ٣٣ صفحة.

النشرة الأولى لشرح التلمسانيّ على قصيدة عمر بن الفارض

جوزيبّي سكاتولين

أستاذ في علم التصوّف

مع الأستاذ / مصطفى عبد السميع سلامة محقّق مخطوطات في دار الكتب المصريّة

icon-calendar الثلاثاء ١٤ فبراير ٢٠١٧

إنّ شرح التلمسانيّ (ت ٦٩٠/ ١٢٩١) على قصيدة عمر بن الفارض (ت ٦٣٢/ ١٢٣٥) المسمّاة بـالتائيّة الكبرى يُعدّ من أوائل الشروح عليها فهو الثاني بعد شرح سعيد الدين الفرغانيّ (ت ١٣٠٠/٦٩٩). والواقع أنّ الفرغانيّ والتلمسانيّ كانا معًا في مدينة قونية التركية من بين تلاميذ صدر الدين القونويّ (ت ١٢٧٤/٦٧٣)، وهو التلميذ المفضّل للشيخ الأكبر محيي الدين بن العربيّ (ت ٦٣٨/ ١٢٤٠). هكذا يتّضح كيف كانتْ بداية سلسلة الشروح الأكبريّة على ديوان ابن الفارض.

حقّق جوزيبّي سكاتولين ومصطفى عبد السميع سلامة هذا الشرح بناءًا على المخطوطة الوحيدة الّتي توجد حتّى اليوم (دار الكتب المصريّة ١٣٢٨ تصوّف طلعت). من الواضح من النصّ أنّ التلمسانيّ استغلّ فرصة شرحه على التائيّة الكبرى لنقد بعض أفكار الفرغانيّ، حتّى ولو على حساب متن التائيّة وآراء ابن الفارض في التصوّف.

معجم الأديان والحوار الدينيّ

الأستاذ / جيوزيبّي موسوميتشي، رئيس مؤسّسة الكاردينال پوپار
الأسقف / كاميلّو بالّين، أسقف شمال الجزيرة العربيّة
السيّد / روني نصّور، مهندس معلومات

 ١٠ يناير ٢٠١٧

مثّل نشر معجم الأديان الّذي أشرف عليه الكاردينال پوپار سنة ١٩٨٥ إنجازًا كبيرًا في مجال الحوار بين الأديان حيث أنّه مرجعٌ مهمّ وموضوعيّ للطلّاب. يُسعد المؤسّسة الّتي تحمل اليوم اسم الكاردينال بالإعلان بالنشر الإلكترونيّ المجّانيّ للترجمة العربيّة لهذا القاموس الكبير. سيعرض المداخلون هذا المشروع وسيشرحون لنا إمكانيّات الموقع الإلكترونيّ وإفادته للباحثين.

التديّن تحت مجهر العلوم الإنسانيّة

خمس حلقات دراسيّة في التديّن والعلوم الإنسانيّة

ينظّمها الأخ الدكتور/ أمير ججي والدكتور/ جيوم دڤو، عضوا المعهد الدومنيكيّ

 انتهتْ فترة التسجيل في هذا السمينار، نشكركم لاهتمامكم! 

يتشرّف معهد الدراسات الشرقيّة للآباء الدومنيكان بإعداد برنامج دراسيّ في العلوم الإنسانيّة لعام ٢٠١٧ وذلك في مقرّه الكائن في منطقة «الدرّاسة» بالقاهرة. يتضمّن البرنامج خمسة سمينارات (حلقات دراسيّة) في مواضيع مختلفة من العلوم الإنسانيّة بعنوان «التديّن تحت مجهر العلوم الإنسانيّة».

هدف هذه الحلقات الدراسيّة هو المساهمة في إعادة بناء القيم الإنسانيّة المفقودة في مجتمعاتنا العربيّة وتوطيدها فيها من خلال التعمّق في العلوم الإنسانيّة وتعلُّم منهجيّة البحث العلميّ المبنيّ على النقد العلميّ والدراسة الموضوعيّة.

يتضمّن السمينار محاضرة يلقيها أحد الأساتذة المتخصّصين لمدّة ساعة، يليها ورش عمل متعدّدة يتمكّن فيها الطلبة من التعمّق في الموضوع من خلال العمل المشترك في مجموعات صغيرة، وبعدها يجتمع كلّ الطلبة لطرح الحصيلة الّتي توصّلتْ إليها كلّ مجموعة. وينتهي اللقاء بوجبة عشاء بسيطة يقدّمها المعهد لطلابه.

على الراغبين في المشاركة في هذا البرنامج القيام بالتسجيل من خلال هذا الرابط الألكترونيّ.

يُرجى أيضا إرسال سيرتكم الذاتيّة مرفّقة برسالة إلكترونية للمعهد. يمكن للطلبة القيام بدفع الرسوم السنويّة البالغة ٢٠٠ جنيه مصريّ (أي لمجموع لحلقات الدراسيّة الخمس) في اللقاء الأوّل الّذي يتمّ تحديده من قبل المعهد.

علمًا أنّ الطالب بعد مشاركته في السمينارات الخمسة المقترحة وإتمام ما يتوجّب عليه من أعمال فكريّة وواجباب دراسيّة، سيحصل على وثيقة تخرّج من معهد الدراسات الشرقيّة للآباء الدومنيكان في القاهرة.

البرنامج المقترح للحلقات الدراسيّة:

الحلقة الدراسية الأولى:

عنوان الحلقة: التدين تحت مجهر علم النفس
تاريخ وتوقيت الحلقة: يوم الجمعة ١٣ يناير ٢٠١٧ من الساعة ٣:٠٠ مساءً حتى الساعة ٨:٠٠ مساءً
الأستاذ المحاضر: الدكتور فارس كمال نظمي/ من العراق
ملخص السمنار: تستهدف المحاضرة التعريف بعلم نفس الدين Psychology of Religion وأهم الأسئلة التي يسعى للإجابة عنها، وتحديد المعنى السيكولوجي للتدين وأنواعه والفرق بينه وبين النزعة الروحانية، وتسليط الضوء على علاقة الدين بالبيولوجيا عبر التنظيرات المعاصرة في علم البيولوجيا النفسي، وتبيان فوائد دراسة التدين في علم النفس، والأسس الأمبريقية لهذه الدراسة وكيفية قياس التدين كما تقدم المحاضرة توصيفًا لمفهوم التدين وجذوره النفسية في منظور عدد من علماء النفس مثل “سيجموند فرويد” و”كارل يونغ” و”جوردون البورت”.

الحلقة الدراسيّة الثانية:

عنوان الحلقة: العقيدة تحت مجهر الفلسفة
تاريخ وتوقيت الحلقة: يوم الجمعة ١٧ فبراير ٢٠١٧ من الساعة ٤:٠٠ مساءً حتى الساعة ٨:٠٠ مساءً
الأستاذ المحاضر: الدكتور عزيز هلال / فرنسي من أصل مغربي
ملخص السمنار: حينما يبدأ الشخص بالتفكير فإنه يخرج، أول ما يخرج، عن الرأي العام ويواجه تهمة التكفير.ولكن الرأي العام نفسه هو نتيجة للتفكير، حيث إن كل تقليدٍ كان في الأصل إبداعًا وعليه فالتكفيرعملية تناقض بعضها بعضًا؛ حيث الرأي العام يمنع التفكير، أي يمنع شرط وجوده.ومن ناحية أخرى فالتكفير نتيجة لزعم أحدهم امتلاك الحقيقة، وهكذا فبنفيه يختفي التمييز بين الصواب والخطأ، أي يختفي التفكير! سندرس في هذه الحلقة نصوصًا فلسفيَّةً كلاسكية ومنهجًا مناسبًا لتحليلها.

الحلقة الدراسيّة الثالثة:

عنوان الحلقة: الفقه تحت مجهر الحقوق
تاريخ وتوقيت الحلقة: يوم الجمعة ١٧ مارس ٢٠١٧ من الساعة ٤:٠٠ مساءً حتى الساعة ٨:٠٠ مساءً
الأستاذ المحاضر:
ملخص السمنار: هل يمكن القانون المدني أن يؤسَّس على شريعة دينية؟ الشريعة التي تخص مؤمنين من ملة ما، هل يمكن أن تطبق على كل المواطنين، المؤمنين بها وغير المؤمنين؟ وكيف الفقه الذي يرجع إلى مرجع قديم يمكنه أن يحكم في قضايا حديثة غير مذكورة في التراث الفقهي؟

الحلقة الدراسيّة الرابعة:

عنوان الحلقة: الرمز الديني تحت مجهر علم الإجتماع
تاريخ وتوقيت الحلقة: يوم الجمعة ٢١ أبريل ٢٠١٧ من الساعة ٤:٠٠ مساءً حتى الساعة ٨:٠٠ مساءً
الأستاذ المحاضر: الدكتور أشرف منصور / الإسكندرية ـ مصر
ملخص السمنار: رغم أن مصدر ألوحي هو سماوي، فإن تأثيره إجتماعي، ومصيره اجتماعي، وسوسيولوجيا الأديان تدرس المصائر الاجتماعية للأديان وتبحث عن العمليات الاجتماعية الكامنة تحت الأديان. ستتركز هذه الحلقة على تحليل الأديان الكبرى من سبينوزا إلى توينبي وحسن حنفي.

الحلقة الدراسيّة الخامسة:

عنوان الحلقة: الحوار الديني تحت مجهر المنطق
تاريخ وتوقيت الحلقة: يوم الجمعة ١٢ مايو ٢٠١٧ من الساعة ٤:٠٠ مساءً حتى الساعة ٨:٠٠ مساءً
الأستاذ المحاضر: الدكتور جيوم دڤو / فرنسي
ملخص السمنار: المعتقدات هي الأحكام التي لا تقبل الشك بالنسبة لمعتنق المعتقد، فلماذا يتحدث المؤمن مع الأخر إذا رفض أصلًا أن يتفق معه؟ ما الشروط للحوار؟ سندرس في هذه الحلقة فلسفة هابرماس وأخلاق التوصل وتاريخ المناظرات الدينية في العصر الكلاسيكي للإسلام.

الحفريّات والمياه في المغرب العربيّ خلال القرون الوسطى

توما سوبيرا

عالم الحفريّات وطالب دكتوراه في جامعة تولوز

icon-calendar الأثنين ١٩ ديسمبر ٢٠١٦

يتميّز موقع سِجِلْماسة الأثريّ، وهو مينا برّيّ للتجارة الصحراويّة بين القرن الثاني الهجريّ/الثامن الميلاديّ والتاسع الهجريّ/الخامس عشر الميلاديّ، والّذي يقوم فيه بحفريّات فريقٌ مغربيّ فرنسيّ، بأنظمته المائيّة الموجودة في كلّ أنحاء الموقع. تُدير هذه الأنظمة جمع المياه وتوفيرها وتخزينها وصرف المياه المجاريّة. هذه الأنظمة تشهد بإبداعٍ إنسانيّ عالٍ وتعددّيّة التقنيّات المستخدمة لإدارة هذا المورد الثمين في البيئة الصحراويّة.

تقع هذه المنطقة في سهول تافيلالت الّتي يرجع احتلالها إلى ما قبل التاريخ. تأسّستْ مدينة سجلماسة—وقد تكون بالأحرى مجموعة القصور—في حوالي نصف القرن الثاني الهجريّ/الثامن الميلاديّ على يد قبيلة بني مِدرار الأمازيغيّة وهي نقطة الالتقاء للعديد من طرق القوافل. يصفها الأسد الغرناطيّ (ت ٩٥٧\١٥٥٠) في مطلع القرن العاشر الهجريّ/السادس عشر الميلاديّ كخرائب.

هذه المنطقة الصحراويّة هي أيضًا مهد السلالة العلويّة في أواخر القرن الثاني عشر الهجريّ/الثامن عشر الميلاديّ والّتي ما زالتْ تحكم المملكة المغربيّة حتّى اليوم فاستنجى موقع سجلماسة الأثريّ من الفقدان بفضل إعادة استخدامه لمقابر العلويّين.

مسألة «لو أكل إنسانٌ إنسانًا» في علم الكلام الإسلاميّ

إريك فان ليت

دكتور في العلوم الإسلاميّة

 الثلاثاء ١٣ ديسبمبر ٢٠١٦

seminar-ericهناك مسألةٌ صغيرة تتفجّر من قرن إلى قرن في كتابات الكثير من علماء الكلام المسلمين (تمّ العثور حتّى الآن على ما بين ٨٠ و٩٠ مؤلّفًا): ماذا يحدث إذا أكل شخصٌ ما شخصًا آخر، هل سيحصلان الاثنان على قيامةٍ جسديّة؟

ظهرتْ هذه المسألة اللاهوتيّة قبل ظهور الإسلام بوقتٍ طويل في كتاب القيامة لـأثيناغوارس في القرن الثاني الميلاديّ، ولم يتردّد أوغسطينس (القرن الخامس الميلاديّ) أن يعتبر هذه المسألة أقوى الجدالات الّتي تعارض القيامة الجسديّة. كما أنّ توماس الأكوينيّ قد ناقش هذه المسألة أيضًا وكذلك العديد من اللاهوتيّين المسيحيّين في القرون الوسطى.

عندما عرض السيّد الشريف الجرجانيّ (٨١٦ﻫ/١٤١٣م) هذه المسألة، مميّزًا بين أجزاء الجسد الأصليّة وغير الأصليّة، أجاب في آخر المسار على السؤال الفلسفيّ والأنثروبولوجيّ التالي: ما هو الإنسان؟ وما هو الرابط بين هويّتنا كأشخاصٍ منفصلة وبين أجسادنا؟  تساؤلٌ آخر ينبثق من هذا أيضًا: ما هي القيامة؟ هل هي تجميع أجزاء الجسد المتفرّقة أم هي خليقةٌ جديدة؟ هذه التساؤلات هي الّتي تعطي أهمّيّتها لمسألة آكلي لحوم البشر في علم الكلام.

يرى بعضُ علماء الكلام أنّ الجسد مجرّد آلة وأنّ النفس هي الّتي ستُحاسب في يوم القيامة. يمثّل علاء الدين الطوسيّ (٨٧٧ﻫ/١٤٧٢م) أحد هؤلاء العلماء المبكّرين. هذا الرأي يتأصّل المسألة في مهدها، إلّا أنّها قد وصلتْ إلى أبعد التساؤل: هل ستتعذّب في النار أجزاءُ جسد رجلٍ بارّ إذا أكلها رجلٌ خاطئ، حيث أنّها أصبحتْ جزءًا من جسده.