قراءةٌ أوّليّة لكتاب «قرآن المؤرّخين» (باريس ٢٠١٩)

أدريان دي چارمي

طالب دكتوراه في جامعة السوربون الفرنسيّة وحاصل على منحة دكتوراه مشتركة بين المعهد الدومنيكيّ والمعهد الفرنسيّ للآثار

icon-calendar الثلاثاء ١١ فبراير ٢٠٢٠

إذا كان علماءُ التفسير يعتبرون القرآن الكريم نقطة انطلاق ويسعون قبل كلّ شيءٍ إلى تفسيره من خلال الإشارة إلى السيرة النبويّة والأحاديث الشريفة فإنّ هناك اتّجاهًا آخر لبعض الباحثين المعاصرين في الغرب يعتبر القرآن الكريم نقطة وصول بمعنى أنّه نتاج نهاية العصر القديم والّذي تجمّعتْ فيه التقاليد الدينيّة والفلسفيةّ والثقافيّة السابقة. وهناك اتّجاهٌ ثالث يدرس القرآن الكريم بعيدًا عن سياقه التاريخيّ القديم وعن التراث الإسلاميّ.

يختار كتاب «قرآن المؤرّخين» بشكلٍ قويّ هذا الاتّجاه الثاني الّذي يدرس النصّ القرآنيّ في سياقه التاريخيّ القديم مستبعدًا دراسات الباحثين مثل چاكلين شابّي أو ميشيل كويبرس الّذين يدرسون القرآن الكريم في حدّ ذاته أو مدرسة الباحثة أنجلينكا نويڤرت الّتي لا ترفض التراث الإسلاميّ كمصدرٍ لفهم النصّ.

يرى الباحث جيوم دي، أحد المشرفَيْن على هذا الكتاب، أنّ النصّ القرآنيّ معقّدٌ ومركّبٌ حيث إنّه ليس بعملٍ لرجلٍ واحد ولا بكتابٍ مغلق بل مجموعةٌ مفتوحة من النصوص تمّ بناؤها تدريجيًّا بالحوار مع السياق التاريخيّ الخاصّ بنهاية العصر القديم. بخلاف الرؤية الإسلاميّة الشائعة والّتي تعطي الخليفة عثمان بن عفّان (ت ٦٥٦/٣٥) دورًا في تحرير الشكل النهائيّ للرسم، يحدّد الباحث جيوم دي عهد الخليفة الأمويّ عبد الملك بن مروان (ت ٧٠٥/٨٦) على أنّه السياق السياسيّ والثقافيّ الّذي أثّر بشكلٍ أكبر على النصّ.

يتكوّن كتاب «قرآن المؤرّخين» من ثلاثة مجلّدات، يضمّ الأوّل عشرين دراسةً تاريخيّة كما يضمّ المجلّدان الثاني والثالث تحليلًا منهجيًّا للنصّ القرآني بأكمله. يُعتبر إذًا هذا الكتاب أداةً ضروريّة للباحثين ولقرّاء القرآن الكريم مهما كانتْ توجّهاتهم الفكريّة والدينيّة.