أدريان دي چارمي
طالب دكتوراه في جامعة السوربون الفرنسيّة وحاصل على منحة دكتوراه مشتركة بين المعهد الدومنيكيّ والمعهد الفرنسيّ للآثار
الأربعاء ٣١ أكتوبر ٢٠١٩
استنادًا إلى البحث الكمّيّ الّذي يتضمّن الأحاديث والأخبار الموجودة في أقدم كتب التراث الإسلاميّ والّذي يقيس توزيعها في هذه الكتب، يحاول الباحث أدريان دي چارمي تحديد البدايات والديناميكيّات السياسيّة والدينيّة الّتي تميّز تطوّر صورة النبيّ في هذه الكتب. فعلى سبيل المثال في كتاب المغازي الموجود في مصنّف عبد الرزّاق الصنعانيّ (ت ٨٢٦/٢١١) والّذي تعتمد روايته على كتاب معمر بن راشد (ت ٧٧٠/١٥٣) بنسبة ٩٦٪ ذُكر النبيّ على صورة محاربٍ ليس له نفس المركزيّة مثلما هو الحال في السيرة النبويّة لابن هشام (ت ٨٢٨/٢١٣) حيث تمّ ذكره في كلّ أجزاء السيرة على صورة مشرّعٍ وصانع معجزات. بعد الثورة العباسيّة في عام ١٣٢هجريّة/٧٥٠ ميلاديّة يبدو أنّ السلطة السياسيّة كانتْ بحاجةٍ إلى تبرير علاقتها بالنبيّ وإلى إضفاء الشرعيّة على قدرتها على الحكم بالإضافة إلى إقناع اليهود والمسيحيّين بالتحوّل إلى الإسلام وذلك عن طريق تشجيع ظهور التأريخ الإمبراطوريّ الّذي لم يكن له الأولويّة عند الأمويّين. من الممكن أيضًا أنّ مصنّف عبد الرزّاق الّذي كُتب في اليمن قد يشهد على القضايا السائدة في أطراف الخلافة والمختلفة عن تلك السائدة في بغداد في الوقت الّذي يخبرنا فيه عن حالة التأريخ في العصر الأمويّ. وهناك تفسيرٌ آخر محتمل وهو أنّ بعض هذه الأقوال هي أقوال شعبيّة دخلتْ كتب السيرة النبويّة المشهورة.