د. أحمد وجيه
أستاذ بكلّيّة دار العلوم، جامعة القاهرة
الاثنين ٢٤ يونيو ٢٠١٩
في كتاب «الرسالة» الّذي يُعدّ أقدم المصادر الأصوليّة في تاريخ الفكر الإسلاميّ ينخرط الشافعيّ (ت ٨٢٠/٢٠٤) في الحجاج الّذي كان دائرًا بين «العراقيّين» و«الحجازيّين» وذلك بشأن مسألة الحجاج الفقهيّ: أيّ نوع من الأدلّة يُسمح بها ومدى قوّتها وصلتها ببعضها البعض؟ إحدى القضايا المُتنازع عليها هي اعتبار الحديث النبويّ أصلًا مستقلّا في الاحتجاج الفقهيّ. لم يكن الشافعيّ يسير على وَفقِ خُطّةٍ منطقيّة في ترتيب «الرسالة» باعتبارها النصَّ المؤسّس الأوّل، وذلك بخلاف عامّة كتب الأصول اللاحقة. كانتْ قضيّة السنّة وموقع النبيّ من الدين قضيّةً مركزيّة تبدّتْ من الصفحات الأولى في «الرسالة» حيث ابتدأ بذكر موقع النبيّ قبل ذكر موقع القرآن نفسه. وقد نوّع الشافعيّ في الاحتجاج على هذا الأصل بآياتٍ كثيرة مثل ﴿ءَامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ﴾ (النساء ١٣٦) وغير ذلك من الآيات.