د. زينب طه
أستاذ مساعد علم اللغة العربيّة في الجامعة الأمريكيّة بالقاهرة
الثلاثاء ٥ مارس ٢٠١٩
غالبًا ما يكون هناك فرق بين معاني الكلمات حسب القاموس وقصد المتكلّم الّذي يستخدم هذه الكلمات، وفقًا لمعرفته، وثقافته، وربّما ديانته، والسياق الّذي يعيش فيه. التداوليّة هي العلم الّذي يبحث في هذه الفروق. على سبيل، التداوليّة هي الّتي يمكنها أن تشرح لنا لماذا يمكننا أن نفهم جيدًا كل الكلمات الخاصّة بنكتةٍ ما ولا نفهم النكتة نفسها، وينطبق هذا حتّى على بعض العبارات المجازيّة. يمكننا مثلًا أن نفهم بالضبط ما هو البطّيخ والمقصود بفعل «يحط» ومعنى كلمة «البطن» ولكننا لا نفهم هذه العبارة «حط في بطنه بطيخة صيفي» والّتي يقصد بها هنا في مصر هو «هادئ» أو «لا يهمّه شيء».
كان عبد القاهر الجرجانيّ (ت ١٠٧٨/٤٧٠) هو من أوائل النحاة العرب الّذي طرح السؤال بوضوح عن الفرق بين المعنى الصريح والمعنى الّذي يقصده المتكلّم. وعلى عكس النحاة القدامى الّذين يؤلّفون كتبهم وفقًا للقواعد النحويّة التركيبيّة فإنّ الجرجانيّ يتّخذ، كنقطة انطلاق لنظريته، المعاني الّتي يقصدها المتكلّم ويبحث في الطرق المختلفة للتعبير عنها في لغةٍ عربيّة صحيحة نحويًّا.